تخطى الى المحتوى
لقد اشتركت بنجاح في عبد الله ذياب
عظيم! بعد ذلك ، أكمل عملية الدفع للوصول الكامل إلى عبد الله ذياب
مرحبا بعودتك! لقد نجحت في تسجيل الدخول.
نجاح! تم تنشيط حسابك بالكامل ، يمكنك الآن الوصول إلى جميع المحتويات.
.تم تحديث معلومات الفواتير الخاصة بك
فشل تحديث معلومات الفواتير.

مُجاز أمنيًا: محاولة لفهم مسلسل "خيانة وطن"

لا تتعلق المسألة بالإخوان المسلمين أو وجود "تنظيم سري" من عدمه، بل في تحويل المادة الفنية إلى وعاء طافح بالرسائل الأمنية.

عبد الله ذياب
عبد الله ذياب
1 دقيقة قراءة
مُجاز أمنيًا: محاولة لفهم مسلسل "خيانة وطن"

يعرض على شاشة قناة أبو ظبي خلال شهر رمضان الحالي مسلسل إماراتي بعنوان «خيانة وطن». والمسلسل تجسيد لرواية «ريتاج» لمؤلفها حمد الحمّادي، ومن بناء إسماعيل عبد الله، حيث تدور أحداثه حول «تنظيم سري» للإخوان المسلمين في الإمارات، والذي وصفه المسلسل بأنه كان “يخطط لأعمال منافية للقانون” في دولة الإمارات.

منشور على العربي الجديد، 28 يونيو 2016

العمل من إنتاج شركة سبوت لايت للإنتاج الفني ومن إخراج أحمد يعقوب المقلة، كما ضمّ 80 ممثلاً وممثلة يتصدرهم من الكويت جاسم النبهان، وأحمد إيراج، ومن البحرين هيفاء حسين، ولطيفة المجرن، وحبيب غلوم وفاطمة الحوسني من الإمارات، وآخرين.

تفتتح أول لقطة من العمل لشارة من غناء حسين الجسمي وكلمات كريم معتوق. تُظهر الشارة إيحاءات عدة مقتبسة من أرض معركة، بداية من مشهد لعلب رصاصات فارغة تتطاير في الهواء وأدخنة تتصاعد إلى جوارها، واقتحامات لجنود مدججين بالسلاح، حتى ظهور عبارة «خيانة وطن» في المنتصف.

حرص المسلسل على تصوير الأجواء الغامضة عبر الموسيقى التصويرية وزاوية الإضاءة المستخدمة في المشاهد، كما قدّم الأحداث في صورة درامية عاطفية حسب السياق لبنية القصة، إلى جانب المبالغة في التأكيد على المشاهد عبر المحادثات الجانبية والتعبيرات.

بلقطة لطابور من الطلبة في مزرعة خاصة في تمرين لياقي مردّدين بصوت واحد الأبيات الشهيرة: “إنّ للإخوان صرحٌ كل ما فيه حسن، لا تسلني من بناهُ إنّه البنا حسن”، يبدأ المسلسل. تعقبها لقطة افتراضية من داخل أحد اجتماعات جهاز أمن الدولة الإماراتي حيث يتم إعطاء عدة فرق الضوء الأخضر لإلقاء القبض على عدد من قيادات «التنظيم السري».

لقطة من مسلسل "خيانة وطن" الإماراتي

قدّمت الحلقات الخمس الأولى مشاهد متنوعة للحظات القبض على القيادات، فقد تمّ القبض على “يوسف يعقوب يوسف” والذي يصف المسلسل مهامه بـ “رئيس اللجنة الأمنية للتنظيم السرّي”، و”ثاني خلف بن ثاني”، حيث كانت مهمته جمع الأموال والتبرعات، كذلك “أحمد مطر” وهو ”رئيس اللجنة العسكرية” والمشرف على مخيمات التدريب على الفنون القتالية، حسب وصف المسلسل.

أما عن الحديث عن القاسم المشترك بين مشاهد لحظات القبض، فقد حرص المسلسل على إظهار أكبر قدر من الخسارة المعنوية على الضحية والمحيطين به عبر المحادثات الجانبية واللقطات البطيئة، كما برع في توظيف العاطفة أثناء المشاهد، هذا على حساب وقت طويل يتم اقتطاعه من الحلقة.

  • المبالغة، السّمة الأبرز

لم يحرص المسلسل على بناء قصة تبدو أكثر منطقية بقدر حرصه على عنصرين: الأول: التركيز على استغلال العاطفة، والثاني: استنفاد وقت الحلقات، باعتبار أن المسلسل سيبث طيلة ثلاثين يومًا. تم ذلك عبر توظيف «المبالغة» كعنصر أساسي في النص والآداء، الأمر الذي انعكس على بقية أجزاء العمل ليتحوّل إلى سمة عامة للمسلسل على الشاشة، بداية بالدعاية وحتى آخر دقيقة مع انتهاء كل حلقة.

وإذا سلّمنا بضرورة وجود عنصر كهذا، إلا أنها -المبالغة- لم تكن مراعاة في النص، حيث بدا النص هزيلاً أكثر متجاوزًا ردات الفعل البدهية إلى أخرى مختلقة غير واقعية؛ ففي المشاهد عندما تقوم فرق الأمن بإلقاء القبض على المطلوبين، نلاحظ ضعف موقف الأهالي في الدفاع عنهم، بل التنكّر لهم مباشرة في بعض المشاهد دون السؤال عن التهم!

في الحلقة الثانية عندما يتم القبض على القيادي في التنظيم “ثاني خلف بن ثاني”، وهو أب لأبناء وبلحية يعلوها البياض، يستوقفه والده العجوز قبل خروجه قائلاً له: “ليش سوّدت وجهي وِيّا (أمام) أعز الرّجال؟ ماجد بن ناصر.. ليش؟”. أما الإسم المذكور في النص فيعود لشيخ قبلي متوفي، وهو والد زوجة المطلوب، أما محل اللَّوم فهو على الزيجة التي تمّت قبل ثلاثين عامًا، في تهمة لم يسأل عنها.

  • شخصيات أحادية

طيلة عقدين، كانت «جمعية الإصلاح والتوجيه الاجتماعي»، والتي حظيت برعاية مشيخية في دبي خلال السبعينات، كيانًا مُمثلاً عن الإسلام الحركي في الإمارات، ومن أولى طلائع ما يمكن التعبير عنه بالوجود المنظم «للإسلاميين» في الخليج. لاحقًا وُجّهت للجمعية العديد من التهم باتصالهم بجماعة الإخوان المسلمين الأم في مصر، إلا أن الجمعية كانت في وقتٍ سابق قد نفت أيَّ ارتباط لها بالجماعة، مؤكدةً أن «ولاءها للحكومة» هو من «باب إيمانها بشرعية الحكم القائم»، حسب ما نقلته رويترز عن بيان صادر.

حسب مركز المسبار الإماراتي، ففي عام 1974 تبرع شيخ إمارة دبي في حينه، راشد بن سعيد آل مكتوم، بإنشاء المقر الرئيسي في دبي، إلى جانب فرعين في إمارتي رأس الخيمة والفجيرة، بعد تقدمها إليه بطلب لإشهارها، كما حصلت الجمعية على دعم معنوي تمثّل في تنصيب محمد بن خليفة آل مكتوم كأول رئيس لمجلس إدارة الجمعية. أما في الحكومة، فقد أصبح سعيد عبد الله سلمان، أحد المؤسسين لجمعية الإصلاح، وزيرًا للتربية والتعليم ورئيسًا لجامعة الإمارات عام 1979، كما تولى قبلها منصب وزير الإسكان.

وصول شخصيات محسوبة على الجمعية إلى مناصب سيادية، سبقه تأثير واسع وقبول نسبي على مستوى المجتمع، حيث كان للإعلام دورٌ في هذا أيضًا، إلى جانب وجود شخصيات أكاديمية وتربوية كسبت ثقتها عن طريق مساهماتها في مؤسساتها التعليمية والحكومية.

هنا نجد من الواضح أن المسلسل حاول تجاوز كلّ هذه التفاصيل، فقد أظهر المطلوبين -القيادات السابقة- كشخصيات انفعالية، ماكرة، ومعزولة عن محيطها الاجتماعي. ورغم أن الجمعية كانت عبر شخصيات قريبة منها جزءً من الحكومة، إلا أن المشاهد حرصت على إظهارهم في معسكر مضاد للدولة بشكل نهائي، الأمر الذي بدا بسيطًا أكثر وغير مقنع بشكل كافي على مستوى بنية القصة.

  • ثاني خلف بن ثاني.. تشابه أسماء

بعد الحلقة الثانية من المسلسل، أطلق حساب باسم «ثاني خلف بن ثاني» على تويتر عدة نداءات إلى نائب رئيس الوزراء وزير الداخلية، سيف بن زايد آل نهيان، معبرًا عن استيائه ظهور اسم جدِّه كأحد الأسماء المستعارة لقيادي في التنظيم، معللاً ذلك بارتباط الشخصية بصفة “الخيانة”، كما رفض صاحب الحساب أن يكون اسم ثلاثي في المسلسل جاء على سبيل المصادفة، حسب التغريدات.

لقطة من مسلسل "خيانة وطن" الإماراتي

وقال: “ثاني بن خلف توفي منذ أكثر من ٨٠ سنة، وهو رجل دين وعالم معروف في دبي، ومن عائلة كبيرة وعريقة ومحترمه من آل بو فلاسة، وليس له علاقة بتنظيم”. كما طالب الحساب بإيقاف المسلسل وتغيير اسم العائلة “لما فيه تشويه لسمعتنا في البلاد”، مضيفًا أن العائلة قد تعرّضت لنوع من المضايقة بعد بث الحلقة.

حصلت هذه الاعتراضات على جواب من مؤلف العمل، الذي أكّد على أنه تواصل مع المخرج لحذف كل الأسماء الثلاثية، كما أكد على تثبيت تنبيه في بداية كل الحلقات يفيد بأن أسماء الشخصيات غير حقيقية، وأي تشابه فهو بداعي الصدفة.

https://twitter.com/HamadAlHammady/status/740995304699400195

  • مشاهد جدلية في المسلسل

في الحلقة الخامسة قام المسلسل باستعراض محادثة بين أحد منفذي القبض وبين من وصفه المسلسل بـ “عضو اللجنة السياسية في التنظيم”، حيث هدّد الأخير بافتعال مشكلات في العلاقة بين الإمارات “ودولة جارة وشقيقة” في حال لم تغادر وحدة القبض منزله، في إشارة لعلاقات تجمع المتهم بدولة جارة لم يسمّها.

لقطة من مسلسل "خيانة وطن" الإماراتي

وفي لقطة أخرى، يجلس «أبو ريتاج» على مكتبه صباحًا مطالعًا أحد الصحف، حيث يظهر عنوان عريض في زاوية الصفحة متعلّق بأمير قطر السابق، حمد بن خليفة آل ثاني، المشهد الذي عكس حالة من الاحتجاج على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث وصفه مغردون قطريون وإماراتيون بـ “المسيء”، وذهب آخرون إلى السؤال حول “الهدف” من وراء تناول العنوان الجدلي.

  • اتهامات ببث الكراهية

اعترض أستاذ العلوم السياسية الإماراتي عبد الخالق عبد الله على المسلسل، معتبرًا أنه يمارس شكلاً من أشكال “رفع جرعة الكراهية”، وقال على حسابه في تويتر: “جماعة خالفوا القانون واستحقوا العقاب العادل، ولم تثبت عليهم تهمة خيانة وطن، ولست مع مسلسل خيانة وطن ولا داعي لرفع جرعة الكراهية ضد أبناء الوطن”.

أما عائشة النعيمي، أستاذ مشارك في الإعلام، فقد تقدمت بإعجابها بالسيناريو والتوقيت، لكنها اعتبرت الآداء الفني “لبعض الشخصيات إن لم يكن أغلبها غير مقنع” واصفةً إياه بـ “الضعيف”، حسب التغريدة.

  • استقبال ولي عهد أبو ظبي

وضمن السياق، قام نائب رئيس الشرطة والأمن العام في دبي ضاحي خلفان باستضافة ندوة في مجلسه الرمضاني بعنوان «خيانة وطن». الندوة نظمتها جريدة الخليج وناقشت حلقات المسلسل بحضور الكاتب وعددٍ من الممثلين والإعلاميين.

كما سبق هذا استقبال ولي عهد أبو ظبي، محمد بن زايد آل نهيان، لمؤلف الرواية «ريتاج» حمد الحمّادي في قصره، حيث قال الحمّادي بعد الزيارة: “تواضع سمو الشيخ محمد بن زايد وتشجيه ومقترحاته لأعمالي الأدبية القادمة شرف لن أنساه ما حييت”.

صحافة

عبد الله ذياب

صحفي • مختص بالتواصل الرقمي • مهتم بإتاحة المعرفة، حرية التعبير وصناعة الرأي العام.